الدعاء
الدعاء هو التضرع إلى الله لطلب العون في أمور الدنيا والآخرة صغيرها وكبيرها، وهو أن يطلبَ الداعي ما ينفعُه وما يكشف ضُرَّه فإن أي شيء إن لم ييسره الله لم يتيسر، وقد أمر الله سبحانه وتعالى عبادة بالتوجه إليه لتيسير حوائجهم قضائها.
فضل الدعاء:
إن الدعاء طاعة وامتثال لأمر الله عز وجل، قال تعالى: ” وقالَ رَبُكُمُ ادْعُوني أَستَجِبْ لَكُمْ ” وقال: ” وادْعوهُ مُخْلِصينَ لهُ الدِين” فالداعي مطيعٌ لله مستجيبٌ لأمرِه، فالدعاء مُخ العبادة وهُو أكرم شيء على اللهُ عز وجل، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء” ذلك أنه يدل على قدرة الله تعالى وعجز الداعي.
إنَّ الدعاء سبب لانشراح الصدر وتفريج الهم وزوال الغم وتيسير الأمور ودفع البلاء قبل نزوله، قال صلى الله عليه وسلَّم: “لا يرد القدر إلا الدعاء”، كما أنه سبب لرفع البلاء بعد نزوله قال صلى الله عليه وسلم: “من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة، وما سئل الله شيئًا يعطى أحبَّ إليه من أن يسأل العافية، إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل؛ فعليكم عباد الله بالدعاء” إنَّ الدعاء من صفات عباد الله المتقين، وهو مَفْزَعُ المظلومين، وملجأ المستضعفين، كما انَّ لدعاء دليل على الإيمان بالله، والاعتراف له بالربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات، ودليل التوكل على الله، وسبب لدفع غضب الله قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّهُ مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ” هذا الحديث يدل على أن دعاء الله وسؤاله واجب في الجملة ، بحيث إن من ترك دعاء الله بالكلية ، فإن الله يغضب عليه، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ مِنْ فَضْلِهِ، فَمَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَبْغَضُهُ، وَالْمَبْغُوضُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِ لَا مَحَالَةَ، قال ابن القيم رحمه الله: ” هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رِضَاءَهُ فِي سُؤَالِهِ وَطَاعَتِهِ، وَإِذَا رَضِيَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَكُلُّ خَيْرٍ فِي رِضَاهُ، كَمَا أَنَّ كُلَّ بَلَاءٍ وَمُصِيبَةٍ فِي غَضَبِهِ “وقال أيضا: ” الْغَضَب لَا يكون إِلَّا على ترك وَاجِب أَو فعل محرم “
كما أن ثمرة الدعاء مضمونة بإذن الله فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلَّم أنه قال: “ما من مسلم ينصب وجهه إلى الله، يسأله مسألة إلا أعطاه إياها، إما عجلها له في الدنيا، وإما ذخرها له في الآخرة ما لم يعجل”، وقال صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلا أَعطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ”
وفي الحديث القدسي قول الله تبارك وتعالى: “يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ… يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ “
وفي الحديث دليل على أن الله يحب أن يسأله العباد جميع مصالح دينهم ودنياهم من الطعام والشراب والكسوة وغير ذلك، كما يسألونه الهداية والمغفرة عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَلُوا اللَّهَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الشِّسْعَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ لَمْ يُيَسِّرْهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ”، ومعنى: (حتى الشسع) أي: حتى إصلاح النعل إذا انقطع.
آداب الدعاء:
- الإخلاص لله.
- أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم بالصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويختم بذلك.
- الجزم في الدعاء واليقين في الإجابة.
- الإلحاح في الدعاء وعدم الاستعجال.
- حضور القلب في الدعاء والتضرع والخشوع والرغبة والرهبة.
- الدعاء في الرخاء والشدة.
- عدم الدعاء على الأهل والمال والولد والنفس.
- خفض الصوت بالدعاء بين المُخافتة والجهر.
- الاعتراف بالذنب والاستغفار منه، والاعتراف بالنعمة وشكر الله عليها.
- رد المظالم مع التوبة.
- الدعاء ثلاثاً واستقبال القبلة
- الوضوء قبل الدعاء إن تيسر، ورفع الأيدي في الدعاء.
- أن يبدأ الداعي بنفسه إذا دعا لغيره.
- أن يتوسل الى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى، ولا يدعو بإثم او قطيعة رَحِم.
أوقات يُستجاب بها الدعاء:
- أثناء السجود.
- ساعة من يوم الجمعة.
- الثلث الأخير من الليل.
- دُبر كل صلاة.
- بين الأذان والإقامة، وعند النداء للصلاة
- عند نزول الغيث.
- عند سماع صوت الديك.
- عند زيارة المريض.
- ليلة القدر.
- يوم عرفة.
- في السفر.
- بعد الوضوء.
- في رمضان.